إن ذكرى اليوم الوطني مناسبة عزيزة لتذكُّر ماضٍ مجيدٍ وحاضرٍ زاهرٍ ينعم فيه المواطن والوطن بالأمن والاستقرار والرفاهية، ويعيش أمجاد وطنه في مختلف تفاصيل حياته اليومية، وينعم بما يعيشه من تطور في مختلف المجالات وفقًا لرؤية السعودية 2030، وتبرز ملامحه جلية للعيان في مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها ويشهدها الوطن ويعيشها في مختلف المجالات حتى اصبحت المملكة العربية السعودية في زمن قياسي في مصاف الدول المتقدمة وفي مركز التأثير على مستوى المنطقة، إضافة إلى أنها فرصة لغرس معاني المواطنة والوفاء في نفوس النشء لهذا الكيان ولأولئك الأبطال الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة ولنعمّق في روح الشباب معاني الحس الوطني وروح الانتماء إلى هذه الأمة والمسؤولية عن الحفاظ على مقدراتها حتى يستمر عطاء ذلك الغرس المبارك.
إنها مناسبة لتقوية أواصر انتماء أبنائه إليه، واستدعاء تاريخه الحافل وارتباطه بحاضره المشرق، كما أنها لحظة مناسبة لتتبع ما تشهده المملكة من تطور في مختلف المجالات منذ تأسيسها على يد المؤسس المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - ، ويعد التعليم مثالًا واحًدا على تطورها لكونه يعد المؤشر الدقيق للتنمية الشاملة، لأنه أداة بناء الإنسان الذي هو صانع التقدم، فلا تنمية من دون إنسان يفكر ويخطط ويعمل، اذ لا يمكن لدولة أن تحقق تنمية اقتصادية مستدامة دون استثمار كبير في رأس المال البشري.
إن نهضة المملكة قامت على أساس متين من المعرفة، إذ دأب ملوكها منذ تأسيسها على نشر العلم والاهتمام بالثقافة والعناية بتشجيع البحث العلمي وشيدوا لذلك المدارس والمعاهد والجامعات ودور العلم، وحاضر التعليم خير شاهد على ذلك، في حين أن التطور في قطاع التعليم في هذا العهد الزاهر بشكل خاص يلمسه كل من يعيش على أرض السعودية، بحكم أن كل أسرة وكل فرد في هذا الوطن يعيشه واقعًا ملموسًا في حياته اليومية.
وتعد جامعة الأمير سلطان احدى النماذج البارزة لاهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - بتطوير التعليم في المملكة؛ فهو - رعاه الله - صاحب فكرة تأسيسها، عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض ورئيسًا لمجلس أمناء مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم المظلة النظامية للجامعة حتى أصبحت اليوم وبوقت قياسي إحدى الشواهد الحضارية التي تجسد التطور في هذا القطاع، فكانت أول جامعة أهلية تنشأ بالمملكة وفتحت نافذة التعليم الجامعي الأهلي غير الربحي، وأول جامعة تثبت نجاح تجربة التعليم العالي الأهلي الوطني بالمملكة، من خلال مخرجها الذي أثبت وجوده في سوق العمل وأصبح هذا الخريج منافسًا قويًا لخريجي الجامعات والكليات الأخرى في إعداد الكوادر الوطنية السعودية المؤهلة في التخصصات النادرة والمتميزة التي تلبي احتياج سوق العمل.
ولتحقيق رؤية السعودية 2030 وقرب الجامعة من حديقة الملك سلمان، تعطي الجامعة حيزًا كبيرًا من اهتمامها لأهداف التنمية المستدامة من خلال إطلاق الحملات التوعوية لمجتمع الجامعة، والتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر ومشروع الرياض الخضراء بتزويد الجامعة بالأشجار والنباتات ومواد الممرات والطرق وربط الجامعة بشبكات المياه المعالجة لاستخدامات الري، بالإضافة الى إنشاء مركز للاستدامة والمناخ، وتحويل الحرم الجامعي إلى مدينة مستدامة، وتحديد أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بكل كلية، وبرنامج، بالإضافة إلى الأندية الطلابية المعنية بتنفيذ المبادرات المتعلقة بالاستدامة، وفي هذا الإطار بادرت كلية الهندسة بالجامعة بتنظيم المؤتمرين العالميين الأول والثاني للاستدامة واستضافت كوكبة فريدة من الأساتذة والباحثين من مختلف الجامعات الدولية والمنظمات العالمية والعديد من المسؤولين والرؤساء التنفيذيين من الجهاتِ الحكومية والشركات السعودية المكلفة بتنفيذ المشروعات الطموحة للرؤية المستدامة.
وفي ظل ما يشهده العالم اليوم من تطور معرفي هائل وتقدم تقني كبير على مختلف الأصعدة وفي سائر المجالات، وتماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 الطموحة، أصبح لزامًا على الجامعات أن تتحول من واقع التخصصات التقليدية المعروفة إلى المعاصرة، ومن المحلية الضيقة إلى العالمية الواسعة، لمواكبة هذا التطور الذي سيعود بكل تأكيد على مخرجات الجامعات لخدمة وطننا الغالي.
إن جامعة الأمير سلطان لها النصيب الأوفى من إدراك متطلبات المرحلة والمساهمة في فتح نوافذ التغيير والتواصل مع الآخر، إذ عملت منذ زمن على مد جسور التواصل وبناء الشراكات مع كبريات شركات التقنية والمؤسسات التعليمية والمعاهد البحثية حول العالم؛ وذلك حتى لا تكون في معزل عن كل جديد، ولا تصبح بعيدة عن كل مفيد، وفي الوقت ذاته تُوفِّر متطلبات سوق العمل بما تقدمه من تخصصات جديدة والتدريب على الشهادات المهنية ومتفردة تتميز بها عما سواها.
وفي الختام أدعو الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله -، وأن يديم عليهما نعمة الصحة والعافية وعلى وطننا الغالي نعمة الأمن والأمان والاستقرار والعزة والتمكين والتقدم والازدهار.
** **
- د. أحمد بن صالح اليماني/ مدير جامعة الأمير سلطان