تصادف هذا اليوم الذكرى الـ93 لتوحيد المملكة العربية السعودية، ذلك اليوم الذي يشكل منعطفاً مهماً وحاسماً في تاريخ المملكة وشعبها، وهو ذكرى مجيدة وعزيزة ومحل فخر لكل مواطن بما حققته المملكة من تطور ونمو وتنمية مستمرة في كافة المجالات. وتتجلى قيمة هذا اليوم في كونه يوماً تجسدت فيه مظاهر التلاحم بعد الفرقة، والتآخي بعد التناحر، وكل ذلك بتوفيق الله ثم بحنكة القائد والشخصية الفذة للملك عبدالعزيز- رحمه الله- الذي أدرك بعبقريته أن لا خيار سوى الوحدة، ولا قيمة لهذا الوطن ما لم يكن التركيز على بناء الإنسان الذي يمثل الأساس في البنية الوطنية. ومما يحضرني في هذا السياق أن والدي رحمة الله عليه عندما كان يتكلم عن الموحد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه كان يتكلم باعتزاز كبير وكان يقول هذا الرجل منحة منحها الله للمملكة العربية السعودية لتوحيدها من أقاليم صغيرة متشتتة إلى دولة التوحيد التي شعارها لا إله إلا الله محمد رسول الله.
إن الاحتفال بذكرى اليوم الوطني فرصة لاستشعار تلك النعم التي أنعم الله بها علينا في هذه البلاد المباركة ومعرفة حقوق هذا الوطن الكبير علينا، وإن هذه المناسبة تكتسب اليوم أهمية كبرى لربطها ماضي المملكة العريق بحاضرها الزاهر ومستقبلها المشرق بإذن الله. وإن هذه الذكرى تعني لكل مواطن أن يمعن النظر في كافة الإنجازات التي تحققت والتنمية والتطور اللذين نعيشهما في كافة مجالات الحياة في هذا العهد الزاهر، فهما ثمار جهد لعطاء المخلصين وعلينا جميعاً واجب الشكر والثناء لله سبحانه والمحافظة على هذه المكاسب حتى يستمر العطاء وتنعم الأجيال بثمار ما غرسته أيادي المخلصين في هذه الأمة. وإن التنمية التي تحققت في السنين الماضية في كافة المجالات تعد إنجازات جبارة بكل المقاييس ولم يشهد لها التاريخ مثيلاً، وهي - بلا شك - نتاج حتمي للإخلاص وحسن التخطيط والحكمة التي يتمتع بها قادة هذه البلاد المباركة الذين ما ادخروا جهداً من أجل بناء وطن وصناعة حضارة زاخرة تنافس غيرها من حضارات الأمم.
إن هذه المناسبة تمر علينا لنستلهم منها العبر والدروس من سيرة المؤسس الفذ الذي استطاع بحنكته وبإيمانه الراسخ بالله جل وعلا أن يضع قواعد هذا البناء الشامخ التي ما زلنا نقتبس منها هدياً ينير حاضرنا ونستشف منها ملامح ما نتطلع إليه في المستقبل - بمشيئة الله - من الرقي والتقدم في سعينا الدائم لكل ما من شأنه رفعة الوطن ورفاهية المواطن في ظلال من الأمن والأمان والاستقرار وصروح الإنجازات التي لم ولن تتوقف بجهود وحرص أبنائه الملوك البررة الذين تعاقبوا على الملك وصولاً إلى عهد العزم والحزم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أيده الله، وبمؤازرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وفق رؤية وخطط سديدة ما وضع المملكة في مرتبة متقدمة على خارطة دول العالم المتقدمة وفي مقدمة أقوى اقتصادات العالم ضمن مجموعة العشرين.
لقد اتسم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بسمات حضارية رائدة جسدت ما اتصف به - رعاه الله - من صفات متميزة فريدة، أبرزها تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه في كل شأن وفي كل بقعة على امتداد الوطن. إضافة إلى حرصه الدائم على سن الأنظمة والتشريعات في إطار مسيرة الإصلاح والتحديث والتطوير في شتى المجالات. ولم يكن همّ خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - مقتصراً على وطنه وشعبه فقط، بل تعداه إلى الاهتمام بقضايا الأشقاء العرب والمسلمين وجعل ذلك من أولوياته بما يبذله - رعاه الله - من جهود كبيرة في لمّ شمل الأمة ورعاية قضاياها المصيرية ومواساة المنكوبين من أبناء الأمة. وتمكن - حفظه الله - بحنكته ومهارته في القيادة من تعزيز دور المملكة في الشأن الإقليمي والعالمي سياسياً واقتصادياً، وأصبح للمملكة وجود أعمق في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العالمي. وقد كان خير سند ومعين له في هذه المسيرة الحافلة بالإنجازات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - صاحب الطموحات والرؤى التطويرية التي نقلت المملكة إلى آفاق لا محدودة من الإنجازات غير المسبوقة على كافة الأصعدة والمستويات. كما استطاع برؤيته السديدة المواءمة بين الإمكانات الذاتية الضخمة للمملكة وتفعيلها وفق مبدأ الشراكة الحيوية مع الدول الشقيقة والصديقة في الإقليم والعالم من خلال معادلة التعاون على أرضية المصالح المشتركة بين الجميع، فوثق بذلك أواصر التكامل وديمومة العلاقات بين المملكة ودول الإقليم بالإضافة إلى التعاون والشراكة مع كبرى الكيانات والتكتلات الاقتصادية ومعظم الدول المؤثرة على خارطة العالم اقتصادياً وسياسياً.
وختاماً يسرنا بهذه المناسبة العظيمة أن نعرب عن بهجتنا وسعادتنا الغامرة ونزف أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله، وإلى الأسرة المالكة الكريمة وكافة أبناء شعبنا النبيل الوفي. وندعو رب العزة والجلال أن يحفظ لنا قيادتنا الرشيدة وأن يمدهم بعونه وتوفيقه، وأن يسدد على طرق الخير خطاهم، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان.
** **
- خالد بن إبراهيم بن عبدالعزيز آل إبراهيم